شبكة أخبار كيكان -تلقى النظام السوري ضربة موجعة بخسارته السيطرة على معبر البوكمال الحدودي مع العراق، نظرًا لأهمية هذا المنفذ على الصعيدين الأمني والإقتصادي. وسيطرت المعارضة السورية المسلحة الجمعة على المعبر الذي يفصل مدينة القائم العراقية (340 كلم غرب بغداد) عن مدينة البوكمال السورية.معبر القائم الحدودي: حاولت القوات النظامية استعادة معبر البوكمال الحدودي مع العراق من المعارضة عبر قصف مكثف، لكن من دون جدوى. ويعتبر "البوكمال" معبرًا مهمًا على الصعيدين الأمني والإقتصادي. ويقول استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حميد فاضل إن "معبر البوكمال يعد معبرًا حيويًا بالنسبة لسوريا التي تحتاجه اكثر من العراق، ربما للحركة التجارية مع جارها".
ويرى أن "هذا الوضع سيؤدي الى تعزيز موقف المعارضة ويضعف في المقابل موقف الحكومة السورية التي كانت تسعى الى مواصلة السيطرة على المعبر بهدف منع وصول أي تعزيزات للمعارضة".
وتشهد سوريا منذ منتصف آذار(مارس) 2011 حركة احتجاجية تطالب باسقاط النظام. وقد واجهها النظام بقمع شرس وتحولت شيئًا فشيئًا الى نزاع مسلح شامل. وسقط منذ اندلاع الانتفاضة في سوريا اكثر من 19 ألف قتيل، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.
وتشترك سوريا مع العراق بحدود تمتد بطول حوالي 600 كلم يقع اكثر من نصفها تقريبًا في محافظة الانبار التي تسكنها اغلبية سنية وكانت تعتبر في السابق مقرًا لتنظيم القاعدة في العراق.
ومعبر البوكمال الواقع في الانبار هو احد المعابر الرئيسية الثلاثة بين العراق وسوريا، الى جانب معبري الوليد (التنف) في الانبار ايضًا، ومعبر اليعربية شمال غرب بغداد الذي سقط في ايدي المعارضة المسلحة السبت قبل أن يستعيد الجيش النظامي السيطرة عليه صباح الاحد.
ويقول قائمقام مدينة القائم فرحان فرحان إن "التجارة عند المعبر هنا توقفت منذ نحو شهر ونصف وكانت تشمل مرور 40 شاحنة من سوريا الى العراق يوميًا يبلغ وزن حمولة الواحدة منها 27 طنًا".
ويضيف أن "هذه الشاحنات كانت تحمل على متنها الخضار والمواد الغذائية والملابس والادوات الكهربائية، حيث أن سكان القائم البالغ عددهم 275 الف نسمة يعتمدون على البضائع السورية كونها ارخص من تلك الآتية من بغداد".
ويرى فاضل أن "سيطرة المعارضة على هذا المعبر تمثل ضربة موجعة للنظام في سوريا وقد تتسبب ببروز عوامل جديدة خصوصًا وأن المناطق العراقية الحدودية متعاطفة مع المعارضة". ويوضح أن "وجود بيئة مناسبة للمعارضة عند الحدود مع سوريا (...) سيضعف النظام السوري الذي كان يسعى الى قطع أي دعم للمعارضة".
وتفصل مدينة القائم منطقة صغيرة عن مدينة البوكمال السورية، حيث يمكن بالعين المجردة مشاهدة المزارعين السوريين وهم يعملون في اراضيهم. وتسكن القائم عشائر تجمعها علاقات عمومة ومصاهرة مع عشائر أخرى في الجانب السوري، وبينها عشائر كبيرة مثل الراويين والعانيين والكرابله والبو محل وعشيرة السلمان.
ويشير شيوخ عشائر في القائم الى أن صلة القرابة مع السوريين تمتد الى مدن دير الزور وحمص وادلب في سوريا. ويرى المحلل السياسي احسان الشمري أن "معبر البوكمال واضافة الى ما يمثله من نقطة رئيسية في العلاقات الامنية والاقتصادية بين بغداد ودمشق، فإن اهميته تكمن ايضًا على المستوى الاجتماعي".
ويعتبر أن "خسارة معبر البوكمال كبيرة ومؤثرة على النظام السوري (...) لانه قد يتحول الى ممر لتهريب الاسلحة"، مضيفًا أن "المجاميع المسلحة في العراق تريد رد الجميل لمن ساعدها" في السابق.
وتعرضت القائم عام 2005 الى هجمات متلاحقة شنتها القوات الاميركية واستهدفت جماعات مسلحة فيها. ويؤكد اهالي المدينة أن السوريين في حينها "كانوا يقدمون كافة اشكال المساعدة، الغذائية والطبية وحتى السلاح".
وينشغل سكان مدينة القائم اليوم بالعمل على "رد الدين والجميل" لجيرانهم السوريين الا أن هؤلاء يشتكون من الاجراءات الامنية التي تتخذها السلطات العراقية منعًا للتهريب والتسلل. ويقول ابو يوسف (25 عامًا) إنه "لو لم يكن الجيش العراقي يمنعنا لكنا قدمنا كل ما نستطيع تقديمه لاهلنا في البوكمال، فنحن نشعر بالحزن لرؤيتهم يتعرضون للقصف وسط نقص في الغذاء والدواء فيما نحن نعجز عن مساعدتهم".
ويضيف: "نريد أن نقف الى جانبهم كما وقفوا هم الى جانبنا". ومنذ أن سيطر المسلحون السوريون على المعبر، انتشرت وحدات من الجيش والشرطة العراقيين على طول الحدود بين منطقتي البوكمال والقائم اللتين لا يفصل بينهما سوى سياج طويل تخرقه بعض البساتين الصغيرة.
ويقول خالد الذي يعرف عن اسمه بأنه ملازم اول في الجيش السوري الحر المنتشر عند معبر البوكمال "إن الجيش العراقي يقوم بالتضييق على المنطقة كرمى لعيون الجيش السوري". ويضيف لفرانس برس عبر الهاتف "جل ما نريده هو أن يسمحوا للعائلات بأن تغادر، وللمصابين بأن يعالجوا في الجانب الآخر، وبأن نحصل على الغذاء والدواء، اما السلاح فلا نريده، لدينا ما يكفينا منه".